المتابع الاخباري
د. محمد ابو حمور ( وزير المالية الاردني الاسبق )
أصدرت الحكومة قبل يومين بلاغ مشروع قانون الموازنة العامة ومشروع نظام تشكيلات الوزارات والدوائر والوحدات الحكومية للسنة المالية القادمة 2025.
ويأتي هذا البلاغ في سياق العمل لاستكمال إقرار مشروع قانون الموازنة العامة تمهيداً لتقديمه الى مجلس الامة قبل بداية شهر كانون أول القادم وفقاً للإجراءات التشريعية ذات العلاقة والموعد الدستوري لتقديم الموازنة العامة لمجلس الامة.
ويتضمن البلاغ ابرز التوجهات التي تم الاستناد اليها لغايات تقديرات مشروع القانون والمؤشرات الاقتصادية الرئيسية إضافة الى الفرضيات المتعلقة بالإجراءات المالية التي اعتمدت في تقدير النفقات والايرادات، علماً بأن المؤشرات المتوقعة جاءت بعد انجاز المراجعة الثانية لبرنامج الإصلاح المالي والنقدي المتفق عليه مع صندوق النقد الدولي، وفي ظل قيام مؤسسات التصنيف الدولية برفع التصنيف الائتماني للمملكة رغم صعوبة الظروف الإقليمية وتداعياتها المختلفة على الاقتصاد الوطني وهذا قد يكون من الأسباب التي أدت الى صدور البلاغ، الذي يعتبر الوثيقة التي تحدد الاتجاهات العامة لإعداد الموازنة، في وقت متأخر.
وقد تضمن البلاغ بعض التوجهات الإيجابية تتمثل في الإسراع بإنجاز برامج ومشاريع رؤية التحديث الاقتصادي والإصلاحات الهيكلية بهدف الوصول الى النمو الشامل المستدام وخفض معدل البطالة وحماية المستوى المعيشي للمواطنين، وفق آليات واضحة لتقييم الاداء مستندة إلى مبادئ الحوكمة والشفافية والمساءلة.
وكذلك متابعة تنفيذ البرنامج الوطني للإصلاح المالي والاقتصادي لتعزيز منعة الاقتصاد الوطني وتعزيز استقراره وتحقيق النمو الاقتصادي المستدام، والالتزام بمواصلة تنفيذ السياسات والإصلاحات الهيكلية والاجراءات الهادفة للحفاظ على استقرار الاقتصاد الكلي واستدامة المالية العامة متضمنة الاستمرار بإجراءات تعزيز الإدارة الضريبية والجمركية.
الموازنة العامة بمكوناتها المختلفة احدى اهم أدوات السياسة المالية وتشير الى مجموعة من الخيارات والسياسات والإجراءات التي تؤثر ليس على مختلف القطاعات الاقتصادية وقدرتها على توليد فرص العمل فحسب بل ايضاً على مستوى معيشة المواطنين ونوعية الخدمات المقدمة لهم.
كما انها الخطة المالية السنوية للحكومة التي تعكس الفلسفة الاقتصادية والمالية للدولة من خلال ترجمة الأولويات وكيفية مواجهة التحديات والمستجدات.
وفي ضوء التجارب السابقة لا بد من الإشارة الى بعض المخاطر الواجب تجنبها بما في ذلك المبالغة في تقدير الإيرادات مما يشجع على التوسع في الانفاق غير المنتج والذي يترتب عليه تصاعد أعباء الدين العام إضافة الى تقليص جزء من الانفاق الرأسمالي.
هذا الأمر يؤدي الى أضافة أعباء جديدة على كاهل المالية العامة ولا يساعد في معالجة المصاعب الراهنة، كما أن النجاح في تنفيذ الإصلاحات الاقتصادية يتطلب تعزيز ثقة المواطنين عبر الالتزام بمعايير الشفافية والنزاهة، هذه الثقة التي تشير بعض الدراسات الى أنها تراجعت بشكل واضح عما كانت عليه في بداية العقد الثاني من هذا القرن.
الموازنة التي أُعدت جيداً وتم تحديد أولوياتها بما يتناسب مع الظروف الراهنة تشكل أداة هامة لمواصلة الإصلاح الذي يخدم المصالح الوطنية ويعزز نقاط القوة ويساهم في التغلب على التحديات ويؤمن مسار نمو مستقبلي مستدام يتعامل بكفاءة مع الصعوبات المزمنة التي تعانيها المالية العامة.
هذا بالإضافة الى العمل على تنفيذها بكفاءة وفاعلية وقدرة ديناميكية على مواكبة المتغيرات والاستجابة لمتطلباتها في إطار من الشفافية والحوكمة الرشيدة والمساءلة التي تعزز الثقة وتبث الطمأنينة، وهذا ما تقوم به وزارة المالية ودائرة الموازنة العامة.